الصديق عزيز:

نمت في منتصف الليل لكنني وضعت المنبه على الساعة 02:50. استيقظت، و في تمام الساعة الخامسة عدت للنوم (وحدي! فلا هناك سعادة و لارفاهية!!) لأستيقظ على الساعة السابعة صباحا بغرض التوجه للعمل و المدينة مغرقة بقطعان الشباب الذين قدموا من كل ربوع الدنيا للقاء البابا.حدث كل هذا الإرباك الغير المعتاد في هذه الليلة بالذات من أجل مشاهدة فيلم "زمن الرفاق". و قد حصل ذلك.بعد عودتي للنوم حلمت أنني أبكي بقوة و أنا أعانق أصدقاء لي مودعا إياهم و كأنني أغادرهم لمكان بعيد.أنت تعرف، الرفيق سعيد، عفوا الصديق عزيز، أنني أعرف شخصيا جمال بعيسى؛ ليس الذي اغتيل على يد الجماعة الأصولية المعروفة، بل ذلك الذي كان حائرا في أمره هل يغادر عن طريق سبتة أم عن طريق الجزائر أم يبقى في الوطن مختبئ.فحسب ما أعرف عنه أنه غادر فعلا من جهة الشرق بعد اختبائه لأسابيع في مزرعة ببركان. كان آخر عهد له بالبحر هي تلك اللقطة بالذات التي ظهر فيها في شواطئ مارتيل. بعدها تأمل لسنوات مشهدا واحدا تفننت تلال الرمل المتحرقة في تشكله، مستعيدا في مخيلته صور ذلك البحر بالذات. حل الرمل و الرياح محل ذلك الجمال الذي أبهره في مدينة مارتيل و كأنه حل بوطن غير المغرب. وقد علمت منه أنه لو كان يعرف أن مصيره سيكون الإيداع في ذلك المركز اللعين الذي آواه في تلك الجغرافيا اللعينة لمدة سنوات أربعة لكان قد فضل الاختباء في جبال الريف أو الأطلس.
لكنني علمت منه أنها لم ترق له كثيرا تلك الجاكيطة وردية اللون التي ظهر بها في زمن الرفاق. فقد كان يفضل لونا فيه شيء من الرمادية لتعكس مزاجه القاعدي المتكتم أو ربما انسجاما مع الحزن الذي كان مستبدا بكيانه في تلك اللحظة من حياته.أما عن الشابة "رحيل" التي يسمح اسمها بمردفات أخرى كثيرة، فقد علمت من جمال بعيسى أنه عرفها و انه علم بقوة الحب الذي سكن روح الرفيق سعيد نحوها. لقد أحزنه كثيرا أن تنتهي تلك السعادة و ذلك الرفاه. ترى أين هي الآن؟ لا بد أنها احتفظت بولع دفين في قلبها اتجاه سعيد.صدقني أن جمال بعيسى شعر بتعاطف كبير مع رحيل و سعيد، علما أن حزب سعادته و رفاهه قد تعرض للحظر العملي بسبب الجغرافيا، ثم للتفكك و الاندثار بسبب مرور الزمان.

الصديق عزيز لقد أعجبني الفيلم و نقلني إلى زمن أفضل ما فعلنا فيه هو العراك، إنه زمن الرفاق الذي أريده أن يستمر.مع أصدق التحيات .صديقك
20 août, 16:36

Aucun commentaire: